وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ ﴾
وذلك أن النبي ﷺ وكثيراً من أصحابه غشيهم النعاس ببدر.
قال سهل بن عبد الله : النعاس يحل في الرأس مع حياة القلب، والنوم يحل في القلب بعد نزول من الرأس، فهوَّمَ رسول الله ﷺ حتى ناموا فبشر جبريل رسول الله ﷺ بالنصر فأخبر به أبا بكر.
وفي امتنان الله تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان :
أحدهما : قوّاهم بالاستراحة على القتال من الغد.
الثاني : أن أمَّنَهم بزوال الرعب من قلوبهم، كما قال : الأمن منيم، والخوف مسهر.
وقوله تعالى :﴿ أََمَنَةً مِّنْهُ ﴾ يعني به الدعة وسكون النفس من الخوف وفيه وجهان :
أحدهما : أمنة من العدو.
الثاني : أمنة من الله سبحانه وتعالى.
﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ ﴾ لأن الله تعالى أنزل عليهم ماء السماء معونة لهم بثلاثة أمور :
أحدها : الشرب وإن كانوا على ماء.
الثاني : وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن الرمل تلبد بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه.
والثالث : ما وصفه الله تعالى به من حال التطهير.
وفي تطهيرهم به وجهان :
أحدهما : من وساوس الشيطان التي ألقى بها في قلوبهم الرعب، قاله زيد بن أسلم.
والثاني : من الأحداث والأنجاس التي نالتهم، قاله الجمهور.
قال ابن عطاء : أنزل عليهم ماءً طهر به ظواهر أبدانهم، وأنزل عليهم رحمة نقّى بها سرائر قلوبهم.
وإنما خصه الله تعالى بهذه الصفة لأمرين.
أحدهما : أنها أخص صفاته.
والثاني : أنها ألزم صفاته.
ثم قال :﴿ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيَطانِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : وسوسته أن المشركين قد غلبوهم على الماء، قاله ابن عباس.
والثاني : كيده وهو قوله : ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة، قاله ابن زيد.
﴿ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ﴾ يحتمل وجهين :


الصفحة التالية