واعتذر عن ذلك الحلبي بأن من قدر لعله نحا نحو الكوفيين فإنهم يجرون اسم الفعل مجرى الفعل مطلقاً ولذلك يعملونه متأخراً نحو ﴿ كتاب الله عَلَيْكُمْ ﴾ [ النساء : ٢٤ ]، وما أشار إليه كلامه من أن قوله سبحانه وتعالى :﴿ وَأَنَّ للكافرين ﴾ الخ منصوب على أنه مفعول معه على التقدير الأول لا يخلو عن شيء، فإن في نصب المصدر المؤول على أنه مفعول معه نظراً.
ومن هنا اختار بضعهم العطف على ذلكم كما في التقدير الثاني، وآخرون اختاروا عطفه على قوله تعالى :﴿ إِنّى مَعَكُمْ ﴾ [ الأنفال : ١٢ ] داخل معه تحت الإيحاء أو على المصدر في قوله سبحانه وتعالى :﴿ بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ [ الأنفال : ١٣ ] ولايخفى أن العطف على ﴿ ذلكم ﴾ يستدعي أن يكون المعنى باشروا أو عليكم أو ذوقوا أن للكافرين عذاب النار وهو ما يأباه الذوق، ولذا قال العلامة الثاني : إنه لا معنى له، والعطفان الآخران لا أدري أبهما أمر من الآخر، ولذلك ذهب بعض المحققين إلى اختيار كون المصدر خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف، وقيل : هو منصوب باعلموا ولعل أهون الوجوه في الآية الوجه الأخير.
والانصاف أنها ظاهرة في كون المراد بالعقاب ما أصابهم عاجلاً، والخطاب فيها مع الكفرة على طريق الالتفات من الغيبة في ﴿ شَاقُّواْ ﴾ إليه، ولا يشترط في الخطاب المعتبر في الالتفات أن يكون بالاسم كما هو المشهور بل يكون بنحو ذلك أيضاً بشرط أن يكون خطاباً لمن وقع الغائب عبارة عنه كذا قيل وفيه كلام، وقرأ الحسن ﴿ وَأَنَّ للكافرين ﴾ بالكسر، وعليه فالجملة تذييلية واللام للجنس والواو للاستئناف. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾