وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤) ﴾
قوله :﴿ إِذْ يُغَشِّيكُم ﴾ الظرف منصوب بفعل مقدّر كالذي قبله، أو بدل ثان من ﴿ إذ يعدكم ﴾، أو منصوب بالنصر المذكور قبله.
وقيل : غير ذلك مما لا وجه له.
و﴿ إِذْ يُغَشّيكُمُ ﴾ هي : قراءة نافع وأهل المدينة على أن الفاعل هو الله سبحانه.
وهذه القراءة هي المطابقة لما قبلها.
أعني قوله :﴿ وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله ﴾ ولما بعدها أعني ﴿ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم ﴾ فيتشاكل الكلام ويتناسب.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " يغشاكم " على أن الفاعل للنعاس.
وقرأ الباقون ﴿ يُغَشّيكُمُ ﴾ بفتح الغين وتشديد الشين، وهي كقراءة نافع وأهل المدينة في إسناد الفعل إلى الله، ونصب النعاس.
قال مكي : والاختيار ضم الياء والتشديد، ونصب النعاس لأن بعده ﴿ أَمَنَةً مّنْهُ ﴾.
والهاء في ﴿ منه ﴾ لله، فهو الذي يغشيهم النعاس، ولأن الأكثر عليه، وعلى القراءة الأولى والثالثة يكون انتصاب ﴿ أمنة ﴾ على أنها مفعول له.
ولا يحتاج في ذلك إلى تأويل وتكلف، لأن فاعل الفعل المعلل والعلة واحد بخلاف انتصابها على العلة، باعتبار القراءة الثانية، فإنه يحتاج إلى تكلف.