قال الزمخشريُّ :" أو نصب على أنَّ الواوَ بمعنى " مع " والمعنى : ذُوقُوا هذا العذابَ العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة، فوضع الظاهرَ موضع المضمر " : يعني بقوله :" وضع الظَّاهر موضع المضمر " أنَّ أصل الكلام فذوقوه وأنَّ لكم فوضع " لِلْكافِرينَ " موضع " لَكُمْ " شهادةً عليهم بالكفر ومنبهةً على العلّة.
الخامس : أن يكون في محل نصب بإضمار " واعلموا ".
قال الفراءُ : يجوزُ نصبه من وجهين :
أحدهما : على إسقاط الباء، أي : بأنَّ للكافرين.
والثانى : على إضمارِ " اعلموا " ؛ قال الشاعر :[ الرجز ]
٢٦٨٥ - تَسْمَعُ للأخشَاءِ عنه لغطاً...
وللْيَديْنِ جُسْأةَ وبَدَدَا
أي : وترى لليدين بدَدا، فأضمر " تَرَى " كذلك :" فَذُوقُوهُ " واعلموا :" أنَّ لِلْكافِرينَ ".
وأنكره الزجاج أشدَّ إنكارٍ.
وقال : لو جاز هذا لجاز : زيدٌ قائمٌ وعمراً منطلقاً، أي : وترى عمراً منطلقاً ولا يُجيزه أحدٌ.
ونبَّه بقول " فَذُوقُوه " وهو ما عجل من القتل والأسر على أنَّ ذلك يسير بالإضافة إلى عذاب القيامة فلذلك سمَّاه ذوقاً لأن الذوق لا يكون إلاَّ لتعرف الطعم، فقوله :" فَذُوقُوهُ " يدلَّ على أنَّ الذوق يكون في إدراك غير المطعوم كقوله ﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٩ ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٣٧٤ ـ ٣٧٥﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله جلّ ذكره :﴿ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ ﴾.
ذلك العذاب فذوقوه - أيها المشركون - مُعَجَّلاً، واعلموا أن للكافرين عذاباً مُؤجَّلاً، فللعاصين عقوبتان مُحَصَّلٌ بنقد ومؤخَّرٌ بوعد. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٦٠٨﴾