" من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا " فتسارع في ذلك شبان القوم، وبقي الشيوخ تحت الرايات. فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذي جعل لهم، فقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا، فإنا كنا رداء لكم، لو انكشفتم لفئتم إلينا. فتنازعوا، فأنزل الله تعالى :﴿ يسألونك عن الأنفال ﴾.. إلى قوله :﴿ وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ﴾.. وقال الثوري، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله ـ ﷺ ـ :" من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا " فجاء أبو اليسير بأسيرين، فقال : يا رسول الله - صلى الله عليك - أنت وعدتنا. فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله، إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك. فتشاجروا، ونزل القرآن :﴿ يسألونك عن الأنفال قل : الأنفال لله والرسول ﴾.. قال : ونزل القرآن :﴿ واعلموا أنما غنتم من شيء فأن لله خمسه ﴾.. إلى آخر الآية..
وروى الإمام أحمد قال : حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن سعد بن أبي وقاص، قال : لما كان يوم بدر، وقتل أخي عمير، قتلت سعيد بن العاص ؛ وأخذت سيفه. وكان يسمى ذا الكثيفة. فأتيت به النبي ـ ﷺ ـ فقال :" اذهب فاطرحه في القبض " قال : فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي. قال : فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله ـ ﷺ ـ " اذهب فخذ سلبك ".


الصفحة التالية
Icon