وَقَدْ قِيلَ إنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَهُمْ الِانْحِيَازُ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ الِانْحِيَازُ جَائِزًا لَهُمْ عَنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ فَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَخْذُلُوا نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْصَرِفُوا عَنْهُ وَيُسْلِمُوهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِهِ وَعَصَمَهُ مِنْ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ ﴾ وَكَانَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِمْ قَلَّتْ أَعْدَاؤُهُمْ أَوْ كَثُرُوا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِئَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ، وَمَنْ كَانَ بِمُنْحَازٍ عَنْ الْقِتَالِ فَإِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ الِانْحِيَازُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ انْحِيَازُهُ إلَى فِئَةٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِئَتَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ غَيْرَهُ
{ قَالَ ابْنُ عُمَرَ : كُنْت فِي جَيْشٍ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً وَاحِدَةً، وَرَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ فَقُلْنَا : نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَنَا فِئَتُكُمْ.