} وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ اسْتَقْتَلَ يَوْمَ الْجَيْشِ حَتَّى قُتِلَ وَلَمْ يَنْهَزِمْ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عُبَيْدٍ لَوْ انْحَازَ إلَيَّ لَكُنْت لَهُ فِئَةً فَلَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ أَصْحَابُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : أَنَا فِئَةٌ لَكُمْ، وَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ.
وَهَذَا الْحُكْمُ عِنْدَنَا ثَابِتٌ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدُ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْهَزِمُوا عَنْ مِثْلَيْهِمْ إلَّا مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ، وَهُوَ أَنْ يَصِيرُوا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى غَيْرِهِ مُكَايِدِينَ لِعَدُوِّهِمْ مِنْ نَحْوِ خُرُوجٍ مِنْ مَضِيقٍ إلَى
فُسْحَةٍ أَوْ مِنْ سَعَةٍ إلَى مَضِيقٍ أَوْ يَكْمُنُوا لِعَدُوِّهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِيهِ انْصِرَافٌ عَنْ الْحَرْبِ، أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ مَعَهُمْ.
فَإِذَا بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ذَكَرَ أَنَّ الْجَيْشَ إذَا بَلَغُوا كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا مِنْ عَدُوِّهِمْ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :{ خَيْرُ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ وَلَنْ يُغْلَبَ، وَفِي بَعْضِهَا : مَا غُلِبَ قَوْمٌ يَبْلُغُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا إذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ.