وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا ﴾
أي كاليهود أو المنافقين أو المشركين.
وهو من سماع الأذن.
﴿ وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ أي لا يتدبّرون ما سمِعوا، ولا يفكّرون فيه ؛ فهم بمنزلة من لم يسمع وأعرض عن الحق.
نهى المؤمنين أن يكونوا مثلهم.
فدلّت الآية على أن قول المؤمن : سمعت وأطعت، لا فائدة فيه ما لم يظهر أثر ذلك عليه بامتثال فعله.
فإذا قصر في الأوامر فلم يأتها، واعتمد النواهي فاقتحهما فأيّ سمع عنده وأي طاعة! وإنما يكون حينئذ بمنزلة المنافق الذي يظهر الإيمان، ويسر الكفر ؛ وذلك هو المراد بقوله :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾.
يعني بذلك المنافقين، أو اليهود أو المشركين، على ما تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ﴾ نهي عن أن يكونوا كالذين ادّعوا السماع والمشبّه بهم اليهود أو المنافقون أو المشركون أو ﴿ الذين قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ﴾، أو بنو عبد الدار بن قصيّ ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويد بن حرملة أو النضر بن الحارث ومن تابعه ستة أقوال، ولما لم يجد سماعهم ولا أثر فيهم نفى عنهم السّماع لانتفاء ثمرته إذ ثمرة سماع الوحي تصديقه والإيمان به والمعنى أنكم تصدّقون بالقرآن والنبوة فإذا صدر منكم تولِّ عن الطاعة كان تصديقكم كلا تصديق فأشبه سماعكم سماع من لا يصدق، وجاءت الجملة النافية على غير لفظ المثبتة إذ لم تأتِ وهم ما سمعوا لأنّ لفظ المضي لا يدلّ على استمرار الحال ولا ديمومته بخلاف نفي المضارع فكما يدل إثباته على الدّيمومة في قولهم هو يعطي ويمنع كذلك يجيء نفيه وجاء حرف النفي لا لأنها أوسع في نفس المضارع من ما وأدلّ على انتفاء السماع في المستقبل أي هم ممن لا يقبل أن يسمع. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾