﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ ﴾ قال سعيد بن جبير : معناه يحول بين الكافر أن يؤمن وبين المؤمن أن يكفر.
ابن عباس : بين الكافر وبين طاعته ويحول بين المؤمن وبين معصيته.
وقال مجاهد : يحول بين المرء وقلبه فلا يعقل ولا يدري ما يفعل، وروى خصيف عنه قال : يحول بين قلب الكافر وبين أن يعمل خيراً.
وقال السدي : يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا أن يكفر إلاّ بإذنه.
وقال قتادة : معنى ذلك أنّه قريب من قلبه ولا يخفى عليه شيء أظهره أو أسره. وهي كقوله عزّ وجلّ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ].
وقيل : هو أن القوم لما دعوا إلى القتال في الحال الصعبة جاءت ظنونهم واختلجت صدروهم فقيل [ فيهم ] ﴿ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله ﴾ [ آل عمران : ١٦٧ ] وأعلموا أن الله يحول بين المرء وبين ما في قلبه فيبدّل الخوف أمناً والجُبن جُرأة.
وقيل : يحول بينه وبين مراده، لأن الأجل حال دون الأمل. والتقدير منع من التدبير.
وقرأ الحسن : بين المرء، وبتشديد الراء من غير همزة.
وقرأ الزهري : بضم الميم والهمزة وهي لغات صحيحة.
و﴿ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ ويجزيكم بأعمالكم.
قال أنس بن مالك :" كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول : يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك، قلنا : يا رسول الله أمنّا بك فهل تخاف علينا؟
قال :" إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبه كيف شاء إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه ".
والإصبع في اللغة الأثر الحسن، فمعنى قوله : بين إصبعين : بين أثرين من أثار الربوبية وفيها الإزاغة والإقامة.
قال الشاعر :
صلاة وتسبيح والخطأ نائل | وذو رحم تناله منك إصبع |
وقال آخر :
مَنْ يجعل الله عليه اصبعاً | في الشر أو في الخير يلقه معاً |