وقال أبو السعود :
﴿ يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ الله والرسول ﴾
أصلُ الخَوْنِ النقصُ كما أن أصلَ الوفاءِ التمام، واستعمالهُ في ضد الأمانة لتضمنه إياه أي لا تخونوهما بتعطيل الفرائضِ والسنن أو بأن تُضمِروا خلافَ ما تظهرون، أو في الغلول في الغنائم، روي ( أنه عليه الصلاة والسلام حاصَر بني قُريظةَ إحدى وعشرين ليلةً فسألوا الصُّلْحَ كما صالح بني النضيرِ على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرِعاتٍ وأريحاءَ من الشام، فأبى إلا أن ينزِلوا على حكم سُعد بن معاذ رضي الله عنه فأبوا وقالوا : أرسل إلينا أبا لُبابةَ وكان مناصِحاً لهم لِما أن ماله وعيالَه كانا في أيديهم، فبعثه إليهم فقالوا : ما ترى هل ننزل على حُكم سعدٍ فأشار إلى حلقه إنه الذبحُ قال أبو لبابة : فما زالت قدماي حتى عملتُ أني خُنتُ الله ورسولَه فنزلت فشد نفسَه على سارية من سواري المسجدِ وقال : والله لا أذوقُ طعاماً ولا شراباً حتى أموتَ أو يتوبَ الله عليّ فمكث سبعةَ أيامٍ حتى خرَّ مغشياً عليه ثم تاب الله عليه، فقيل له : قد تيبَ عليك فحُلَّ نفسَك، قال : لا والله لا أحُلّها حتى يكونَ رسولُ الله ﷺ هو الذي يحُلّني فجاءه عليه الصلاة والسلام فحلّه فقال : إن من تمام توبتي أن أهجُرَ دارَ قومي التي أصبتُ فيها الذنبَ وأن أنخلِع من مالي فقال عليه الصلاة والسلام :" يُجزِئُك الثلثُ أن تتصدقَ به " ) ﴿ وَتَخُونُواْ أماناتكم ﴾ فيما بينكم وهو مجزومٌ معطوفٌ على الأول أو منصوبٌ على الجواب بالواو ﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أنكم تخونون أو وأنتم علماءُ تميِّزون الحسنَ من القبيح. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon