قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي عن مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله ﷺ وشد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله تعالى علي، فلما بلغ رسول الله ﷺ خبره قال : أما لو جاءني لاستغفرت له أما إذا فعل ما فعل فإني لا أطلقه حتى توب الله تعالى عليه فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى خر مغشياً عليه ثم تاب الله تعالى عليه فقيل له : يا أبا لبابة قد تيب عليك.
فقال : والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يحلني فجاءه عله الصلاة والسلام فحله بيده ثم قال أبو لبابة : إن تمام توبتي أن أهجر دار قوم التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي.
فقال ﷺ : يجزيك الثلث أن تصدق به ونزلت فيه هذه الآية" وقال السدي : كانوا يسمعون الشيء من رسول الله ﷺ فيفشونه حتى يبلغ المشركين فنهو عن ذلك، وأخرج أبو الشيخ وغيره عن جابر بن عبد الله أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل عليه السلام النبي ﷺ فقال : إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فقال رسول الله ﷺ : إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان إن محمداً ﷺ مريدكم فخذوا حذركم فنزلت ﴿ وَتَخُونُواْ أماناتكم ﴾ عطف على المجزوم أولاً والمراد النهي عن خيانة الله تعالى والرسول وخيانة بعضهم بعضاً، والكلام عند بعض على حذف مضاف أي أصحاب أماناتكم، ويجوز أن تجعل الأمانة نفسها مخونة، وجوز أبو البقاء أن يكون الفعل منصوباً بإضمار أن بعد الواو في جواب النهي كما في قوله :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله...
عار عليك إذا فعلت عظيم


الصفحة التالية
Icon