فلا تخن الله فيما جاء في القرآن، وجاء من الرسول المفوَّض من الله بأن يشرع. وتشريع الرسول واتباعه جاء في قوله تعالى :﴿ وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ].
فلله أمانة فيما نص عليها قرآناً، وللرسول أمانة فيما لم ينص عليه القرآن إلا بتفويض قائل القرآن للرسول بأن يشرع، فإن أطعت هذا الرسول، فقد أطعت الله.
وعرفنا أن الاختيانَ هو الانتقاص، ومعنى الانتقاص هو الوقوف بعيداً عن الكمال والإتمام المطلوب. والإنسان حين آمن يصبح للإيمان في النفس أمانة.
فأنت قد آمنت أنه لا إله إلا الله، وأمانة هذا الإيمان تقتضيك ألاَّ تجعل لمخلوق ولاية عليك ولا ولاء له إلا أن يكون هذا الولاء نابعاً من اتباع منهج الله تعالى. وهذه هي أمانة الشهادة، أما أمانة الرسالة فهي الحرص على تطبيق كل ما بلغه الرسول ﷺ عن ربه قدر الاستطاعة.
إذن فالأمانة مع الله تعالى أن تلتزم بكلمة الإيمان في أنه لا إله إلا الله، وإياك أن تعتقد في أن أحدا يمكنه أن يتصرف فيك، أو يملك لك ضرّاً أو نفعاً، أو أن مصالحك ممكن أن تقضى بعيداً عن الله، فكل شيء بيد الله سبحانه صاحب الحول والطول ولا إله إلا الله، وإياك أن تفهم أن حكماً يجيء لك عن غير طريق رسول الله ﷺ ؛ لأنك إن خرجت عن هذا الإطار تكون إنساناً لم يؤد أمانة الله ولا أمانة الرسول.
والقمة في الأمانة هي إيمان بالله، وإيمان بالرسول ﷺ. والله قد أمر بأحكام وحين تقبلها فلها أمانة، وأمانتها هي أداؤها من غير نقص في شيء سواء كان عاماً أو خاصاً، ولو في الحديث يجري أمامك، وتمتد أمانة الإيمان إلى كل شيء، مثل أمانة أي مجلس توجد فيه، فلا يحق لك ان تنقل أسرار غيرك إلى هذا المجلس أو أسرار المجلس إلى آخرين.


الصفحة التالية
Icon