فصل
قال الفخر :
ثم إنه لما كان الداعي إلى الإقدام على الخيانة هو حب الأموال والأولاد.
نبه تعالى على أنه يجب على العاقل أن يحترز عن المضار المتولدة من ذلك الحب.
فقال :﴿إِنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ﴾ لأنها تشغل القلب بالدنيا، وتصير حجاباً عن خدمة المولى.
ثم قال :﴿وَأَنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ تنبيهاً على أن سعادات الآخرة خير من سعادات الدنيا لأنها أعظم في الشرف، وأعظم في الفوز، وأعظم في المدة، لأنها تبقى بقاء لا نهاية له، فهذا هو المراد من وصف الله الأجر الذي عنده بالعظم.
ويمكن أن يتمسك بهذه الآية في بيان أن الاشتغال بالنوافل أفضل من الاشتغال بالنكاح لأن الاشتغال بالنوافل يفيد الأجر العظيم عند الله، والاشتغال بالنكاح يفيد الولد ويوجب الحاجة إلى المال، وذلك فتنة، ومعلوم أن ما أفضى إلى الأجر العظيم عند الله، فالاشتغال به خير مما أفضى إلى الفتنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٢٢ ـ ١٢٣﴾
وقال السمرقندى :
﴿ واعلموا أَنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ ﴾
يعني بلاء عليكم، لأن أبا لبابة إنما ناصحهم من أجل ماله وولده الذي كان عند بني قريظة.
﴿ وَأَنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾، يعني الجنة لمن صبر ولم يخن. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾