وقال أبو السعود :
﴿ واعلموا أَنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ ﴾
لأنها سببُ الوقوعِ في الإثم والعقاب أو محنةٌ من الله عز وجل ليبلُوَكم في ذلك فلا يحمِلَنّكم حبُّهما على الخيانة كأبي لُبابة ﴿ وَأَنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ لمن آثرَ رضاه تعالى عليهما وراعى حدودَه فيهما فنيطوا هِممَكم بما يؤديكم إليه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ واعلموا أَنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ ﴾
لأنها سبب الوقوع في الاثم والعقاب، أو محنة من الله عز وجل يختبركم بها فلا يحملنكم حبها على الخيانة كأبي لبابة، ولعل الفتنة في المال أكثر منها في الولد ولذا قدمت الأموال على الأولاد، ولا يخفى ما في الأخبار من المبالغة.
وجاء عن ابن مسعود ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة لأن الله سبحانه يقول :﴿ واعلموا أَنَّمَا أموالكم ﴾ الخ فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله تعالى من مضلات الفتن ؛ ومثله عن علي كرم الله تعالى وجهه ﴿ وَأَنَّ الله عِندَهُ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ لمن مال إليه سبحانه وآثر رضاه عليهما وراعى حدوده فيهما فأنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾
وقال القاسمى :
﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [ ٢٨ ].
﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ أي : محنة من الله ليبلوكم، هل تقعون بهما في الخيانة، أو تتركون لهما الإستجابة لله ولرسوله، أو لا تلهون بهما عن ذكره ولا تعتاضون بهما منه.
فسموا فتنة اعتباراً بما ينال الْإِنْسَاْن من الإختبار بهم، ويجوز أن يراد بالفتنة الإثم أو العذاب، فإنهم سبب الوقوع في ذلك.
قال الحاكم : قد أمر الله بالعلم بذلك، وطريق العلم به التفكر في أحوالهما وزوالهما، وقلة الإنتفاع بهما، وكثرة الضرر، وأنه قد يعصي الله بسببهما.
وقوله تعالى :﴿ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ أي : لمن آثر رضاه على جمع المال وحب الولد، فلم يورط نفسه من أجلهما.
وقد جاء التحذير من فتنتهما صراحة مع الترهيب الشديد في قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ قيل : هذه الآية من جملة ما نزل في أبي لبابة، وما فرط منه لأجل ماله وولده. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٨ صـ ٢٨٨ ـ ٢٨٩﴾


الصفحة التالية