فصل


قال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) ﴾
الخطاب بقوله :﴿ واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ ﴾ للمهاجرين، أي اذكروا وقت قلتكم، و ﴿ مُّسْتَضْعَفُونَ ﴾ خبر ثان للمبتدأ، والأرض هي أرض مكة، والخطف : الأخذ بسرعة، والمراد بالناس : مشركو قريش.
وقيل : فارس والروم ﴿ فَآوَاكُمْ ﴾ يقال : آوى إليه بالمد وبالقصر بمعنى : انضم إليه.
فالمعنى : ضمكم الله إلى المدينة أو إلى الأنصار ﴿ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ﴾ أي : قوّاكم بالنصر في مواطن الحرب التي منها يوم بدر، أو قوّاكم بالملائكة يوم بدر ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ التي من جملتها الغنائم ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ أي : إرادة أن تشكروا هذه النعم، التي أنعم بها عليكم، والخون أصله كما في الكشاف : النقص.
كما أن الوفاء التمام، ثم استعمل في ضد الأمانة والوفاء، لأنك إذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت عليه النقصان.
وقيل معناه : الغدر وإخفاء الشيء.
ومنه قوله تعالى :﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاعين ﴾ [ غافر : ١٩ ] نهاهم الله عن أن يخونوه بترك شيء مما افترضه عليهم، أو يخونوا رسوله بترك شيء مما أمنهم عليه، أو بترك شيء مما سنه لهم، أو يخونوا شيئاً من الأمانات التي اؤتمنوا عليها، وسميت أمانات لأنه يؤمن معها من منع الحق، مأخوذة من الأمن.


الصفحة التالية
Icon