وقال أبو السعود :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
تكريرُ الخطابِ والوصفِ بالإيمان لإظهار كمالِ العنايةِ بما بعده والإيذانِ بأنه مما يقتضي الإيمان يقتضي الإيمانُ مراعاتَه والمحافظةَ عليه كما في الخطابين السابقين ﴿ إَن تَتَّقُواْ الله ﴾ أي في كل ما تأتون وما تذرون ﴿ يَجْعَل لَّكُمْ ﴾ بسبب ذلك ﴿ فُرْقَانًا ﴾ هدايةً في قلوبكم تفرِّقون بها بين الحقِّ والباطل أو نصراً يفرّق بين المُحِقِ والمُبطل بإعزاز المؤمنين وإذلالِ الكافرين، أو مخرجاً من الشبهات أو نجاةً عما تحذرون في الدارين أو ظهوراً يشهَرُ أمرَكم وينشرُ صِيتَكم، من قولهم بتّ أفعلُ كذا حتى سطَع الفُرقانُ أي الصبح ﴿ وَيُكَفّرْ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ ﴾ أي يسترها ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ ذنوبَكم بالعفو والتجاوزِ عنها، وقيل : السيئاتُ الصغائرُ والذنوبُ الكبائرُ، وقيل : المرادُ ما تقدم وما تأخر لأنها في أهل بدر وقد غفرها الله تعالى لهم وقوله تعالى :﴿ والله ذُو الفضل العظيم ﴾ تعليلٌ لما قبله وتنبيهٌ على أن ما وعده الله تعالى لهم على التقوى تفضّلٌ منه وإحسانٌ لا أنه مما يوجبه التقوى كما إذا وعد السيدُ عبدَه إنعاماً على عمل. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon