وقال الشوكانى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾
جعل سبحانه التقوى شرطاً في الجعل المذكور، مع سبق علمه بأنهم يتقون أو لا يتقون جرياً على ما يخاطب به الناس بعضهم بعضاً.
والتقوى : اتقاء مخالفة أوامره والوقوع في مناهيه.
والفرقان : ما يفرق به بين الحق والباطل، والمعنى : أنه يجعل لهم من ثبات القلوب، وثقوب البصائر، وحسن الهداية ما يفرقون به بينهما عند الالتباس.
وقيل : الفرقان المخرج من الشبهات والنجاة من كل ما يخافونه، ومنه قول الشاعر :
مالك من طول الأسى فرقان... بعد قطين رحلوا وبانوا
ومنه قول الآخر :
وكيف أرجو الخلد والموت طالبي... وما لي من كأس المنية فرقان
وقال الفراء : المراد بالفرقان الفتح والنصر.
قال ابن إسحاق : الفرقان الفصل بين الحق والباطل، وبمثله قال ابن زيد، وقال السديّ : الفرقان النجاة، ويؤيد تفسير الفرقان بالمخرج والنجاة.
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾ [ الطلاق : ٢ ] وبه قال مجاهد ومالك بن أنس.
﴿ وَيُكَفّرْ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ ﴾ أي : يسترها حتى تكون غير ظاهرة ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ ما اقترفتم من الذنوب.
وقد قيل إن المراد بالسيئات : الصغائر، وبالذنوب التي تغفر : الكبائر.
وقيل المعنى : أنه يغفر لهم ما تقدّم من الذنوب وما تأخر ﴿ والله ذُو الفضل العظيم ﴾ فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ﴾ قال : هو المخرج.
وأخرج ابن جرير عنه، قال : هو : النجاة.
وأخرج ابن جرير، عن عكرمة، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، قال : هو النصر. أ هـ ﴿فتح القدير حـ ٢ صـ ﴾