وَالصَّالِحَ عَامَّةً. وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : هِيَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ حَتَّى يَتْرُكَهُ لَا يَعْقِلُ. وَرَوَى جُمْهُورُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يُقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَظْهُرِهُمْ فَيَعُمَّهُمُ اللهُ بِالْعَذَابِ.
قَالَ الْحَافِظُ : وَلِهَذَا الْأَثَرِ شَاهَدٌ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الْعُرْسِ بْنِ عُمَيْرَةَ وَهُوَ أَخُو عَدِيٍّ، وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَجَرِيرٍ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ مُتَّفِقَةٌ صَحِيحَةُ الْمَعَانِي إِلَّا قَوْلَ مَنْ قَالَ بِالتَّخْصِيصِ، فَهِيَ عَامَّةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ; لِأَنَّهَا بَيَانٌ لِسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأُمَمِ وَالْمِلَلِ كَمَا بَيَّنَّا. وَأَمَّا فِتْنَةُ عُثْمَانَ فَكَانَتْ أَوَّلَ هَذِهِ الْفِتَنِ الَّتِي اخْتَلَفَتْ فِيهَا الْآرَاءُ فَاخْتَلَفَتِ الْأَعْمَالُ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، فَخَلَا الْجَوُّ لِلْمُفْسِدِينَ مِنَ السَّبَئِيِّينَ وَأَعْوَانِهِمْ مِنْ زَنَادِقَةِ الْيَهُودِ


الصفحة التالية
Icon