يُقَلِّدُونَ أُولَئِكَ الْأَعْدَاءَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ، حَتَّى زَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ سَبَبُ جَهْلِهِمْ وَضَعْفِهِمْ، وَزَوَالِ مُلْكِهِمُ الَّذِي كَانَ عُقُوبَةً مِنَ اللهِ تَعَالَى لِخَلَفِهِمُ الطَّالِحِ عَلَى تَرْكِهِ، بَعْدَ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ لِسَلَفِهِمُ الصَّالِحِ عَلَى الْفِتْنَةِ بِالتَّنَازُعِ عَلَى مُلْكِهِ. فَإِلَى مَتَى أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ ؟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ !.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ قَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ التَّنَاسُبِ بَيْنَ هَذِهِ النِّدَاءَاتِ الْإِلَهِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ هَذَا الْجُزْءِ. وَوَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذَا النِّدَاءِ بِالنَّهْيِ عَنِ الْخِيَانَتَيْنِ هُنَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ - وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي عَدَاوَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ - فَأَعْلَمَ اللهُ رَسُولَهُ بِمَكَانِهِ، فَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ : إِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. فَأَنْزَلَ اللهُ : لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ الْآيَةَ " وَالْمُرَادُ أَنَّ فِيهَا تَعْرِيضًا بِفِعْلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِيمَانَ بِأَنَّ عَمَلَهُ خِيَانَةٌ تُنَافِيهِ. وَالْخِيَانَةُ لِلنَّاسِ وَحْدَهُمْ مِنْ أَرْكَانِ النِّفَاقِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - وَسَيَأْتِي - فَكَيْفَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ ؟.