الضمير في ﴿ عليهم ﴾ عائد على الكفار، و" الآيات " هنا آيات القرآن خاصة بقرينة قوله ﴿ تتلى ﴾، و﴿ قد سمعنا ﴾ يريد وقد سمعنا هذا المتلو ﴿ لو نشاء لقلنا ﴾ مثله وقد سمعنا نظيره على ما روي أن النضر سمع أحاديث أهل الحيرة من العباد فلو نشاء لقلنا مثله من القصص والأنباء فإن هذه إنما هي أساطير من قد تقدم، أي قصصهم المكتوبة المسطورة، و﴿ أساطير ﴾ جمع اسطورة، ويحتمل أن يكون جمع أسطار ولا يكون جمع أسطر كما قال الطبري، لأنه كان يجيء أساطر دون ياء، هذا هو قانون الباب، وقد شذ منه شيء كصيرف قالوا في جمعه صيارف، والذي تواترت به الروايات عن ابن جريج والسدي وابن جبير الذي قال هذه المقالة هو النضر بن الحارث، وذلك أنه كان كثير السفر إلى فارس والحيرة، فكان قد سمع من قصص الرهبان والأناجيل، وسمع من أخبار رستم وإسبنديار، فلما سمع القرآن ورأى فيه من أخبار الأنبياء والأمم، قال : لو شئت لقلت مثل هذا، وكان النضر من مردة قريش النائلين من رسول الله ﷺ، ونزلت فيه آيات من كتاب الله، وقتله رسول الله ﷺ صبراً بالصفراء منصرفه من بدر في موضع يقال له الأثيل وكان أسره المقداد، فلما أمر رسول الله ﷺ بضرب عنقه قال المقداد : أسيري يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ : إنه كان يقول في كتاب الله ما قد علمتم، ثم أعاد المقداد مقالته حتى قال رسول الله ﷺ :" اللهم أغن المقداد من فضلك " فقال المقداد : هذا الذي أردت، فضرب عنق النضر، وحكى الطبري عن سعيد بن جبير أن رسول الله ﷺ قتل يوم بدر صبراً ثلاثة نفر، المطعم بن عدي، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط.