وقال الخازن :
قوله :﴿ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ﴾
نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة من بني عبد الدار وذلك أنه كان يختلف إلى أرض فارس والحيرة ويسمع أخبارهم عن رستم واسفنديار وأحاديث العجم وكان يمر بالعباد من اليهود والنصارى فيراهم يقرؤون التوراة والإنجيل ويركعون ويسجدون ويبكون فلما جاء مكة وجد النبي ( ﷺ ) قد أوحي إليه وهو يقرأ ويصلي.
فقال النضر بن الحارث : قد سمعنا يعني مثل هذا الذي جاء به محمد لو نشاء لقلنا مثل هذا فذمهم الله بدفعهم الحق الذي لا شبهة فيه بادعائهم الباطل بقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا بعد التحدي وأبان عجزهم عن ذلك ولو قدروا ما تخلفوا عنه وهم أهل الفصاحة وفرسان البلاغة فبان بذلك كذبهم في قولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا ﴿ إن هذا إلا أساطير الأولين ﴾ يعني أخبار الماضين. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ﴾.
قائل ذلك هو النضر بن الحارث واتبعه قائلون كثيرون وكان من مردة قريش سافر إلى فارس والحيرة وسمع من قصص الرهبان والأناجيل وأخبار رستم واسفنديار ويرى اليهود والنصارى يركعون ويسجدون، قتله رسول الله ( ﷺ ) صبراً بالصفراء بالأثيل منها منصرفه من بدر، وفي هذا التركيب جواز وقوع المضارع بعد إذا وجوابه الماضي جوازاً فصيحاً بخلاف أدوات الشرط فإنه لا يجوز ذلك فيها إلا في الشعر نحو :
من يكدني بشيء كنت منه...
ومعنى ﴿ قد سمعنا ﴾ قد سمعنا ولا نطيع أو قد سمعنا منك هذا وقولهم ﴿ لو نشاء ﴾ أي لو نشاء القول ﴿ لقلنا مثل هذا ﴾ الذي تتلوه وذكر على معنى المتلو وهذا القول منهم على سبيل البهت والمصادمة وليس ذلك في استطاعهم فقد طولبوا بسورة منه فعجزوا وكان أصعب شيء إليهم الغلبة وخصوصاً في باب البيان فقد كانوا يتمالطون ويتعارضون ويحكم بينم في ذلك وكانوا أحرص الناس على قهر رسول الله ( ﷺ ) فكيف يحيلون المعارضة على المشيئة ويتعللون بأنهم لو أرادوا لقالوا مثل هذا القول.
﴿ إن هذا إلا أساطير الأوّلين ﴾.
تقدم شرحه في الأنعام. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon