وقوله :﴿ من السماء ﴾ وصف لحجارة أي حجارةَ مخلوقة لعذاب مَن تصيبه لأن الشأن أن مطر السماء لا يكون بحجارة كقوله تعالى :﴿ فصَب عليهم ربك سوط عذابٍ ﴾ [ الفجر : ١٣ ] ( والصب قريب من الأمطار ).
وذكروا عذاباً خاصاً وهو مطر الحجارة ثم عمموا فقالوا :﴿ أو ائِتنا بعذاب أليم ﴾ ويريدون بذلك كله عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالآخرة.
ووصفوا العذاب بالأليم زيادة في تحقيق يقينهم بأن المحلوف عليه بهذا الدعاء ليس منزلاً من عند الله فلذلك عرضوا أنفسهم لخَطر عظيم على تقدير أن يكون القرآن حقاً ومنزلاً من عند الله.
وإذ كان هذا القول إنما يلزم قائله خاصة ومن شاركه فيه ونطقَ به مثل النضر وأبي جهل ومَن التزم ذلك وشارك فيه من أهل ناديهم، كانوا قد عرضوا أنفسهم به إلى تعذيب الله إياهم انتصاراً لنبيه وكتابه، وكانت الآية نزلت بعد أن حق العذاب على قائلي هذا القول وهو عذاب القتل المُهين بأيدي المسلمين يومَ بدر، قال تعالى :﴿ يُعذبْهُم الله بأيديكم ويُخْزِهم وينْصُرْكم عليهم ﴾ [ التوبة : ١٤ ] وكان العذاب قد تأخر عنهم زمناً اقتضته حكمة الله، بين الله لرسوله في هذه الآية سبب تأخر العذاب عنهم حين قالوا ما قالوا، وأيقظ النفوس إلى حلوله بهم وهم لا يشعرون. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon