وقال الآلوسى :
﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾
﴿ مُّسْتَضْعَفُونَ ﴾ خبر ثان وجوز أن يكون صفة لقليل، وقوله تعالى :﴿ فِى الأرض ﴾ أي في أرض مكة تحت أيدي كفار قريش والخطاب للمهاجرين، أو تحت أيدي فارس والروم والخطاب للعرب كافة مسلمهم وكافرهم على ما نقل عن وهب.
واعترض بأنه بعيد لا يناسب المقام مع أن فارس لم تحكم على جميع العرب، وقوله تعالى :﴿ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس ﴾ خبر ثالث أو ثفة ثانية لقليل وصف بالجملة بعدما وصف بغيرها، وجوز أبو البقاء أن تكون حالاً من المستكن في مستضعفون والمراد بالناس على الأول : وهو الأظهر أما كفار قريش أو كفار العرب كما قال عكرمة لقربهم منهم وشدة عداوتهم لهم، وعلى الثاني : فارس والروم.
وأخرج الديلمي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قيل : يا رسول الله ومن الناس؟ قال : أهل فارس، والتخطف كالخطف الأخذ بسرعة، وفسر هنا بالاستلاب أي واذكروا حالكم وقت قلتكم وذلتكم وهوانكم على الناس وخوفكم من اختطافكم، أو اذكروا ذلك الوقت ﴿ فَآوَاكُمْ ﴾ أي إلى المدينة أو جعل لكم مأوى تتحصنون به من أعدائكم ﴿ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ﴾ بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة يوم بدر أو بأن قوى شوكتكم إذ بعث منكم من تضطرب قلوب أعدائكم من اسمه ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ من الغنائم ولم تطب إلا لهذه الأمة، وقيل : هي عامة في جميع ما أعطاهم من الأطعمة اللذيذة ؛ والأول أنسب بالمقام والامتنان به هنا أظهر.
والثاني متعين عند من يجعل الخطاب للعرب ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ هذه النعم الجليلة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾