وحين جاء اختراع " الميكروفون " وطالب الكثير بوضعه في المساجد وقت صلاة الجمعة، وجدنا البعض يرفض دخول الميكروفون إلى المسجد، متجاهلاً أن هناك مساجد كبيرة يحتاج إسماع الناس فيها لخطبة الجمعة وجود أكثر من " ميكروفون ". وقلت لواحد من هؤلاء : ليصلح الله حالك وبالك، لماذا ترتدي نظارة طبية وتضعها على عينيك؟ أجابني : لأن نظري ضعيف والنظارة تكبر لي الكتابة. فقلت : وهكذا " الميكروفون " يكبر الصوت ليسمعه من يجلس بعيداً عن المنبر والإمام، أثناء صلاة الجماعة وصلاة الجمعة.
فإذا كان بعض من الدول الإسلامية قد وصل بها الحال إلى هذا الحد من العجز في تقبل العلم، فهذا تنبيه لنا لأن نعيد الأخذ بأسباب الله في الكون، ولنطور العلوم، ونخدم بها منهج الله، بدلاً من أن نظل متخلفين رغم أن منهج الله يحضنا على الأخذ بالأسباب الموجودة في الكون، وكلنا يعلم أن كون الله في يده والنواميس في يده، يسخرها سبحانه وتعالى لمن يأخذ بالأٍباب.
ويذكرنا الحق تبارك وتعالى بقوله :
﴿ واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس ﴾ [ الأنفال : ٢٦ ].
والخطف هو أخذ بسرعة، أي أن يأخذ إنسان أو جماعة غير الحق، وعرفنا من قبل أنَّ أخذ غير الحق له صُوَر متعددة، والمثال : نجد تاجراً يعرض أيْ يفرش بضاعته من تمر أو تفاح، ويأتي أحد المارة لينظر إلى البضاعة المعروضة والمفروشة وليس معه نُقُود يشتري بها فيخطف تفاحة أو بعضاً من التمر ويجري بسرعة، ويحاول صاحب البضاعة أن يلحق به وحاول اللص أن يتخلص ويفلت منه ؛ فهذا اسمه " غصب "، أما السرقة، فهي أخذ المال خفيةً من حرز وصاحبه غير موجود. ويختلف كل ذلك عن الاختلاس ؛ لأن الاختلاس هو أن تأخذ مما في حوزتك وأنت مأمون عليه ؛ إذن أخذ غير الحق له عدة صور هي : خطف، أو غصب، أو سرقة أو اختلاس. والحق تبارك وتعالى يقول :


الصفحة التالية
Icon