قال القاضي أبو محمد : يشبه أن تمثل بالآية في قتل عثمان رحمه الله، فقد كانت خيانة لله وللرسول والأمانات، والخيانة التنقص للشيء باختفاء وهي مستعملة في أن يفعل الإنسان خلاف ما ينبغي من حفظ أمر ما، مالاً كان أو سرّاً أو غير ذلك، والخيانة لله تعالى هي في تنقص أوامره في سر وخيانة الرسول تنقص فقد اؤتمن على دينه وعبادته وحقوق الغير، وقيل المعنى وتخونوا ذوي أماناتكم، وأظن الفارسي أبا علي حكاه، ﴿ وأنتم تعلمون ﴾، يريد أن ذلك لا يضر منه إلا ما كان عن تعمد، وقوله ﴿ فتنة ﴾ يريد محنة واختباراً وابتلاء ليرى كيف العمل في جميع ذلك، وقوله ﴿ وأن الله عنده أجر عظيم ﴾ يريد فوز الآخرة فلا تدعوا حظكم منه للحيطة على أموالكم وأبنائكم فإن المدخور للآخرة أعظم قدراً من مكاسب الدنيا.
وقوله تعالى :﴿ وتخونوا ﴾ قال الطبري : يحتمل أن يكون داخلاً في النهي كأنه قال : لا تخونوا الله والرسول ولا تخونوا أماناتكم فمكانه على هذا جزم، ويحتمل أن يكون المعنى لا تخونوا الله والرسول فذلك خيانة لأماناتكم فموضعه على هذا نصب على تقدير وأن تخونوا أماناتكم، قال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
وقرأ مجاهد وأبو عمرو بن العلاء فيما روي عنه أيضاً " وتخونوا أمانتكم " على إفراد الأمانة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾