والثالث : وما كان الله معذِّبَهم، يعني : المشركين، وهم يعني المؤمنين الذين بينهم يستغفرون ؛ روي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال الضحاك، وأبو مالك : قال ابن الأنباري وُصفوا بصفة بعضهم، لأن المؤمنين بين أظهرهم، فأوقع العموم على الخصوص، كما يقال : قتل أهل المسجد رجلاً، وأخذ أهل البصرة فلاناً، ولعله لم يفعل ذلك إلا رجل واحد.
والرابع : وما كان الله معذِّبهم وفي أصلابهم مَن يستغفر الله، قاله مجاهد.
قال ابن الأنباري : فيكون معنى تعذيبهم : إهلاكهم ؛ فالمعنى : وما كان الله مهلكهم، وقد سبق في علمه أنه يكون لهم أولاد يؤمنون به ويستغفرونه ؛ فوصفهم بصفة ذراريهم، وغُلِّبوا عليهم كما غُلِّب بعضهم على كلهم في الجواب الذي قبله.
والخامس : أن المعنى لو استغفروا لما عذَّبهم الله، ولكنهم لم يستغفروا فاستحقُّوا العذاب، وهذا كما تقول العرب : ما كنت لأهينَك وأنت تكرمني ؛ يريدون : ما كنت لأهينك لو أكرمتني، فأما إذ لست تكرمني، فانك مستحقٌّ لإهانتي، وإلى هذا القول ذهب قتادة والسدي.
قال ابن الأنباري : وهو اختيار اللغويين.
وذكر المفسرون في معنى هذا الاستغفار ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه الاستغفار المعروف، وقد ذكرناه عن ابن عباس.
والثاني : أنه بمعنى الصلاة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنصور عن مجاهد، وبه قال الضحاك.
والثالث : أنه بمعنى الإِسلام، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد وبه قال عكرمة. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon