ولما كان المنكى هو الحشر، لا كونه من معين، بني للمفعول قوله :﴿يحشرون﴾ أي بعد الموت فهم في خزي دائم دنيا وأخرى، ويجوز أن يتجوز بجهنم عن أسبابها فيكون المعنى أنهم يستدرجون بمباشرة أسبابها إليها ويحملون في الدنيا عليها، وهذه الآيات - مع كونها معلمة بما لهم في الدنيا وما لهم في الآخرة من أن آخر أمرهم في الدنيا الغلب كما كشف عنه الزمان علماً من أعلام النبوة وفي الآخرة جهنم - هي مبينة لكذبهم في قولهم ﴿لو نشاء لقلنا مثل هذا﴾ [ الأنفال : ٣١ ] فإنهم لو كانوا صادقين في دعواهم لقالوا مثله ثم قالوا : لو كان هذا هو الحق لا غيره لما قلنا مثله، موضع قولهم ﴿إن كان هذا هو الحق﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] إلى آخره، وأما آية المكاء والتصدية فكأنها تقول : هذا القرآن في أعلى درج البلاغة ولم تؤهلوا أنتم - مع ادعائكم السبق في البلاغة - لأن تعارضوا بشيء له أهلية لشيء من البلاغة، بل نزلتم إلى أصوات الحيوانات العجم حقيقة، فلا أجلى من هذا البيان على ما ادعيتم من الزور والبهتان، وأما آية الإنفاق فقائلة : لو قدرتم في معارضته على إنفاق الأقوال لما عدلتم عنه إلى إنفاق الأموال المفضي إلى مقاساة الأهوال وفساد الأشباح ونفوق ما حوت من الأرواح المؤدي إلى الذل السرمد بالعذاب المؤبد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢١٥ ـ ٢١٦﴾


الصفحة التالية
Icon