﴿ وينفقون ﴾ لحكاية الحال الماضية، وهو خبر إن، ومن الثاني : الإنفاق في أحد، والاستقبال على حاله، والجملة عطف على الخبر لكن لما كان إنفاق الطائفة الأولى سبباً لإنفاق الثانية، أتى بالفاء لابتنائه عليه، وذهب القطب إلى هذا الإعراب أيضاً على تقدير دفع التكرار باختلاف الغرضين، وذكر أن الحاصل أنا لو حملنا ﴿ رزقناهم يُنفِقُونَ ﴾ على الحال فلا بد من تغاير الإنفاقين وإن حملناه على الاستقبال اتحدا، كأنه قيل : إن الذين كفروا يريدون أن ينفقون أموالهم فسينفقونها، وحمل المنفق في الأول على البعض وفي الثاني على الكل لا أراه كما ترى، وقوله سبحانه :﴿ ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ﴾ عطف على ما قبله، والتراخي زماني، والحسرة الندم والتأسف، وفعله حسر كفرح أي ثم تكون عليهم ندماً وتأسفاً لفواتها من غير حصول المطلوب، وهذا في بدر ظاهر.
وأما في أحد فلأن المقصود لهم لم ينتج بعد ذلك فكان كالفائت، وضمير تكون للأموال على معنى تكون عاقبتها عليهم حسرة، فالكلام على تقدير مضافين أو ارتكاب تجوز في الإسناد.
وقال العلامة الثاني : إنه من قبيل الاستعارة في المركب حيث شبه كون عاقبة إنفاقهم حسرة بكون ذات الأموال كذلك وأطلق المشبه به على المشبه وفيه خفاء، ومن الناس من قال : إن إطلاق الحسرة بطريق التجوز على الانفاق مبالغة فافهم ﴿ ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾ أي في مواطن أخر بعد ذلك ﴿ والذين كَفَرُواْ ﴾ أي الذي أصروا على الكفر من هؤلاء ولم يسلموا ﴿ إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ أي يساقون لا إلى غيرها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾