﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه ﴾.
وفي تكرير الإنفاق في شبه الشرط والجزاء، الدلالة على كمال سوء الإنفاق، كما في قوله :﴿ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ﴾. وقولهم : من أدرك الصَّمَّان فقد أدرك المرعى، والمعنى : الذين ينفقون أموالهم لإطفاء نور الله، والصدّ عن اتباع رسوله ﷺ، سيعلمون عن قريب سوء مغبة ذلك الإنفاق، وانقلابه إلى أشد الخسران، من القتل والأسر في الدنيا، والنكال في العقبى : قال المتنبي :
~إذا الجودُ لم يُرزق خلاصاً من الأذى فلا الحمد مكسوباً ولا المالُ باقياً
والأذى هنا المنّ
وفي جعل ذات الأموال تصير :﴿ حسرة ﴾ أي : ندماً وتأسفاً - وهي عاقبة أمرها - مبالغة.
والمراد بالغلبة في قوله :﴿ ثم يغلبون ﴾ الغلبة التي استقر عليها الأمر، وإن كانت الحرب بينهم سجالاً قبل ذلك. فإن قلت : غلبة المسلمين متقدمة على تحسرهم، بالزمان، فلم أخرت بالذكر ؟
قلت : المراد أنهم يغلبون في مواطن أخر بعد ذلك. كذا في " العناية ".
تنبيه :
قال بعضهم ثمرة الآية خطر المعاونة على معصية الله تعالى، وأن الإنفاق في ذلك معصية، فيدخل في هذا معاونة الظلمة على حركاتهم في البغي والظلم، وكذلك بيع السلاح والكراع، ممن يستعين بذلك على حرب المسلمين.
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٨ صـ ٢٩٩ ـ ٣٠٠﴾