وقال الثعالبى :
قوله سبحانه :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ... ﴾ الآية : قالَتْ فرقة : نزلَتْ هذه الآية كلُّها بمكَّة، وقالت فرقة : نزلَتْ كلُّها بعد وقعة بَدْرٍ ؛ حكاية عما مضَى.
وقال ابْنُ أَبْزَى : نَزَلَ قوله :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ بمكَّة إِثر قولهم :﴿ أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾، ونزل قوله :﴿ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، عند خروج النبيِّ ﷺ من مكَّة في طريقه إِلى المدينة، وقد بقي بمكَّة مؤمنون يستغفرون، ونَزَلَ قوله :﴿ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ الله... ﴾ إلى آخر الآية، بعد بَدْر عند ظهور العَذَاب عليهم.
* ت * : وهذا التأويل بَيِّن، وعليه اعتمد عِيَاضٌ في «الشِّفَا» قال : وفي الآية تأويلٌ آخر، ثم ذكَرَ حديث التِّرْمِذيِّ، عن أبي موسَى الأشعريِّ، قال : قال النبيُّ ﷺ :" أَنْزَلَ اللَّهُ تعالى عَلَيَّ أَمَانَيْنِ لأُمَّتي :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، فَإِذَا مَضَيْتُ، تَرَكْتُ فِيهِمْ الاستغفار " انتهى.
قال * ع * : وأجمعَ المتأوِّلون عَلى أن معنى قوله :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ أن اللَّه عزَّ وجلَّ لم يعذِّب قطُّ أُمةً ونبيُّها بَيْنَ أظهرها، أي : فما كان اللَّه ليعذِّب هذه الأمة، وأنْتَ فيهم، بل كرامَتُكَ لديه أعظَمُ. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية