قال القاضي أبو محمد : واللام على هذا التأويل من قوله ﴿ ليميز ﴾ متعلقة ب ﴿ يغلبون ﴾ [ الأنفال : ٣٦ ]، والمعنى : الكفار ينفقون أموالهم فتكون عليهم حسرة ثم يغلبون مع نفقتها، وذلك ليميز الله الفرق بين الخبيث والطيب فيخذل أهل الخبيث وينصر أهل الطيب، وقوله تعالى على هذا التأويل ﴿ ويجعل الخبيث بعضه على بعض ﴾ إلى قوله ﴿ في جهنم ﴾ مترتب على ما روي عن رسول الله ﷺ، أن الله تعالى يخرج من الأموال ما كان صدقة أو قربة يوم القيامة ثم يأمر بسائر ذلك فيلقى في النار، وحكى الزهراوي عن الحسن أن الكفار يعذبون بذلك المال، فهي كقوله ﴿ فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ﴾ [ التوبة : ٣٥ ] وقاله الزجّاج : وعلى التأويلين فقوله ﴿ ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً ﴾ إنما هي عبارة عن جمع ذلك وضمه وتأليف أشتاته وتكاثفه بالاجتماع، و﴿ يركمه ﴾ في كلام العرب يكثفه، ومنه سحاب مركوم وركام، ومنه قول ذي الرمة :[ البسيط ]
زع بالزمام وجوز الليلِ مركومُ... وقوله ﴿ ويجعل الخبيث ﴾ بمعنى يلقي، قاله أبو علي، ﴿ أولئك هم الخاسرون ﴾ على هذه التأويل يراد المنافقون من الكفار، ولفظة الخسارة تليق بهم من جهة المال وبغير ذلك من الجهات. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon