وقال ابن القشيري :﴿ ليميز الله الخبيث من الطيب ﴾ بتأخير عذاب كفار هذه الأمة إلى يوم القيامة ليستخرج المؤمنين من أصلاب الكفار انتهى، فعلى ما سبق يكون التمييز في الآخرة وعلى القول الأخير يكون في الدنيا ومن المفسرين من تأوّل ﴿ الخبيث ﴾ و﴿ الطيب ﴾ على الأموال، فقال ابن سلام والزجاج : المعنى بالخبيث المال الذي أنفقه المشركون كمال أبي سفيان وأبي جهل وغيرهما المنفَق في عداوة رسول الله ( ﷺ ) والإعانة عليه في الصد عن سبيل الله و﴿ الطيب ﴾ هو ما أنفقه المؤمنون في سبيل الله كمال أبي بكر وعمر وعثمان ولام ﴿ ليميز ﴾ على هذا متعلقة بقوله ﴿ يغلبون ﴾ قاله ابن عطية، وقال الزمخشري بقوله ﴿ ثم تكون عليهم حسرة ﴾ والمعنى ﴿ ليميز ﴾ الله الفرق بين ﴿ الخبيث والطيب ﴾ فيخذل أهل الخبث وينصر أهل الطيب ويكون قوله ﴿ فيجعله في جهنم ﴾ من جملة ما يعذبون به كقوله ﴿ فتكوى بها جباههم ﴾ - إلى قوله - ﴿ فذوقوا ما كنتم تكنزون ﴾ قاله الحسن، وقيل الخبيث ما أُنفق في المعاصي والطيب ما أنفق في الطاعات، وقيل المال الحرام من المال الحلال، وقيل ما لم تؤدّ زكاته من الذي أُدِّيت زكاته، وقيل هو عامّ في الأعمال السيئة وركمها ختمها وجعلها قلائد في أعناق عمالها في النار ولكثرتها جعل بعضها فوق بعض وإن كان المعنى بالخبيث الأموال التي أنفقوها في حرب رسول الله ( ﷺ )، فقيل : الفائدة في إلقائها في النار أنها لما كانت عزيزة في أنفسها عظيمة بينهم ألقاها الله في النار ليريهم هو أنها كما تلقى الشمس والقمر في النار ليرى من عبدهما ذلهما وصغارهما والذي يظهر من هذه الأقوال هو الأول، وهو أن يكون المراد بالخبيث الكفار وبالطيب المؤمنون إذ الكفار أولاهم المحدّث عنهم بقوله ينفقون أموالهم، وقوله ﴿ فسينفقونها ﴾ وبقوله ثم ﴿ إلى جهنم يحشرون ﴾ وأخراهم المشار إليهم بقوله ﴿ أولئك هم الخاسرون ﴾ ولما كان تغلب


الصفحة التالية
Icon