وقال الآلوسى :
﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
أي الكافر من المؤمن أو الفساد من الصلاح، واللام على الوجهين متعلقة ب ﴿ يحشرون ﴾ [ الأنفال : ٣٦ ] وقد يراد من الخبيث ما أنفقه المشركون لعداوة رسول الله ﷺ و﴿ مِنَ الطيب ﴾ ما أنفقه المسلمون لنصرته عليه الصلاة والسلام، فاللام متعلقة ب ﴿ تكون عليهم حسرة ﴾ [ الأنفال : ٣٦ ] دون يحشرون، إذ لا معنى لتعليل حشرهم بتمييز المال الخبيث من الطيب، ولم تتعلق بتكون على الوجهين الأولين إذ لا معنى لتعليل كون أموالهم عليهم حسرة بتمييز الكفار من المؤمنين أو الفساد من الصلاح.
وقرأ حمزة.
والكسائي.
ويعقوب ( ليميز ) من التمييز وهو أبلغ من الميز لزيادة حروفه.
وجاء من هذا ميزته فتميز ومن الأول مزته فانماز.
وقرء شاذاً ﴿ وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون ﴾ [ يس : ٥٩ ].
﴿ وَيَجْعَلَ الخبيث بَعْضَهُ على بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً ﴾ أي يضم بعضه إلى بعض ويجمعه من قولهم : سحاب مركوم ويوصف به الرمل والجيش أيضاً، والمراد بالخبيث إما الكافر فيكون المراد بذلك فرط ازدحامهم في الحشر، وإما الفساد فالمراد أنه سبحانه يضم كل صنف بعضه إلى بعض ﴿ فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ ﴾ كله، وجعل الفساد فيها بجعل أصحابه فيها، وأما المال المنفق في عداوة الرسول ﷺ وجعله في جهنم لتكوى به جباههم وجنوبهم.
وقد يراد به هنا ما يعم الكافر وذلك المال على معنى أنه يضم إلى الكافر الخبيث ما له الخبيث ليزيد به عذابه ويضم إلى حسرة الدنيا حسرة الآخرة ﴿ أولئك ﴾ إشارة إلى الخبيث، والجمع لأنه مقدر بالفريق الخبيث أو إلى المنفقين الذين بقوا على الكفر فوجه الجمع ظاهر، وما فيه من معنى البعد على الوجهين للإيذان ببعد درجتهم في الخبث.
﴿ هُمُ الخاسرون ﴾ أي الكاملون في الخسران لأنهم خسروا أنفسهم وأموالهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾