وهكذا نرى الحقائق الإيمانية، فالنفس المؤمنة الصافية حين يكون لها عدو، ثم تحل بالعدو مصيبة، لا تأتي أبداً كلمة الشماتة على بال المؤمن، هذا هو الخلق الإيماني الذي قد يؤلمه مظهر الضعف والمهانة للعدو، فيضنّ الله على أن يعذب قوماً وفيهم من يستغفر، وكأنه يُوضَّح لنا : هب مسيئنا لمحسننا، أي أن يداري المحسن على المسيء. ولذلك نجد " أن الرسول ﷺ في صلح الحديبية صُدَّ عن البيت الحرام، وهذا الصد تسبب في أنهم يعقدون معه معاهدة هي صلح الحديبية، وكان هناك من المؤمنين من يعارض هذه المعاهدة، ومنهم من قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا؟. والقائل لذلك هو عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه -، وفي التفاوض، جاء علي بن أبي طالب ليكتب المعاهدة وفي بدئها " هذا ما صالح عليه رسول الله " فاعترض المفاوض عن معسكر الشرك قائلاً : لو كنا مؤمنين بأنك رسول الله لما حاربناك، بل اكتب :" هذا ما تعاهد عليه محمد بن عبد الله "، فامتنع عليّ عن الكتابة، وقال : لا أكتبها إلا رسول الله. فأمره الرسول ﷺ أن يكتبها كما يقولون لينهي الموقف، وليعطي معجزة، فينظر لعلي وهو مغتبط به، فيقول له :
" اكتب فإن لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد " ويتحقق ذلك بعد حياة النبي، وخلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثم تجيء الخلافة لعلي وحدث فيها ما حدث. ويتحقق قول رسول الله ﷺ :
" اكتب فإن لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد "


الصفحة التالية
Icon