والحسن، وقيل : هما راجعان إليه تعالى، وعليه فلا حاجة إلى اعتبار الاستحقاق فيما تقدم آنفاً إذ لم تثبت لهم ولاية الله تعالى أصلاً بخلاف ولاية المسجد فإنهم كانوا متولين له وقت النزول فاحتيج إلى التأويل بنفي الاستحقاق، ويفسر المتقون حينئذ بما هو أخص من المسلمين لأن ولاية الله تعالى لا يكفي فيها الإسلام بل لا بد فيها أيضاً من المرتبة الثانية من التقوى وإن وجدت المرتبة الثالثة منها فالولاية ولاية كبرى، وهذا ما نعرفه من نصوص الشرعية المطهرة والمحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، وغالب الجهلة اليوم على أن الولي هو المجنون ويعبرون عنه بالمجذوب، صدقوا ولكن عن الهدى، وكلما أطبق جنونه وكثر هذيانه واستقذرت النفوس السليمة أحواله كانت ولايته أكمل وتصرف في ملك الله تعالى أتم، وبعضهم يطلق الولي عليه وعلى من ترك الأحكام الشرعية ومرق من الدين المحمدي وتكلم بكلمات القوم وتزيا بزيهم، وليس منهم في عير ولا نفير، وزعم أن من أجهد نفسه في العبادة محجوباً ومن تمسك بالشريعة مغبوناً، وإن هناك باطن يخالف الظاهر إذا هو عرف انحل القيد ورفع التكليف وكملت النفس :
وألقت عصاها واستقر بها النوى...
كما قرعينا بالأياب المسافر
ويسمون هذا المرشد، صدقوا ولكن إلى النار، والشيخ صدقوا ولكن النجدي، والعارف صدقوا ولكن بسباسب الضلال، والموحد صدقوا ولكن للكفر والايمان، وقد ذكر مونا حجة الإسلام الغزالي هذا النوع من الكفرة الفجرة وقال : إن قتل واحد منهم أفضل عند الله تعالى من قتل مائة كافر، وكذا تكلم فيهم الشيخ الأكبر قدس سره في الفتوحات بنحو ذلك :
إلى الماء يسعى من يغص بلقمة...
إلى أين يسعى من يغص بماء