وقال ابن عاشور :
﴿ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾.
عطف على قوله :﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنتَ فيهم ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ] وهو ارتقاء في بيان أنهم أحقاء بتعذيب الله إياهم، بياناً بالصراحة.
و﴿ ما ﴾ استفهامية، والاستفهام إنكاري، وهي في محل المبتدأ و ﴿ لهم ﴾ خبره، واللام للاستحقاق والتقدير ما الذي ثبت لهم لأن ينتفي عنهم عذاب الله فكلمة ( ما ) اسم استفهام إنكاري، والمعنى : لم يثبت لهم شيء.
و﴿ أنْ لا يعذبهم ﴾ مجرور بلام جر محذوفة بعد ( إن ) على الشائِع من حذف الجر مع ( أنْ ) والتقدير : أي شيء كان لهم في عدم تعذيبهم أي لم يكن شيء في عدم تعذيبهم أو مِن عدم تعذيبهم أي أنهم لا شيء يمنعهم من العذاب، والمقصود الكناية عن استحقاقهم العذاب وحلوله بهم، أوْ توقع حلوله بهم، تقول العرب : مَالك أنْ لا تُكْرِمَ، أي : أنت حقيق بأن تكَرم ولا يمنعك من الإكرام شيء، فاللفظ نفي لمانع الفعل، والمقصود أن الفعل توفرت أسبابه ثم انتفت موانعه، فلم يبق ما يحول بينك وبينه.
وقد يتركون ( أن ) ويقولون : مالك لا تفعل فتكون الجملة المنفية بعد الاستفهام في موضع الحال وتكون تلك الحال هي مُثير الاستفهام الإنكاري، وهذا هو المعنى الجاري على الاستعمال.
وجوزوا أن تكون ﴿ ما ﴾ في الآية نافية فيكون ﴿ أن لا يعذبهم ﴾ اسمها و ﴿ لهم ﴾ خبرها والتقدير وما عدم التعذيب كائناً لهم.
وجملة :﴿ وهم يصدون عن المسجد الحرام ﴾ في موضع الحال على التقديرين.