﴿ وَإِن يَعُودُواْ ﴾ إلى القتال والعداوة أو إلى الكفر الذي هم عليه، ويكون العود بمعنى الاستمرار ﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأولين ﴾ هذه العبارة مشتملة على الوعيد، والتهديد والتمثيل بمن هلك من الأمم في سالف الدهر بعذاب الله، أي قد مضت سنة الله فيمن فعل مثل فعل هؤلاء من الأوّلين من الأمم أن يصيبه بعذاب، فليتوقعوا مثل ذلك.
﴿ وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ أي : كفر.
وقد تقدّم تفسير هذا في البقرة مستوفى ﴿ فَإِنِ انْتَهَوْاْ ﴾ عما ذكر ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ لا يخفى عليه ما وقع منهم من الانتهاء ﴿ وَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ عما أمروا به من الانتهاء ﴿ فاعلموا ﴾ أيها المؤمنون ﴿ أَنَّ الله مَوْلاَكُمْ ﴾ أي : ناصركم عليهم ﴿ نِعْمَ المولى وَنِعْمَ النصير ﴾ فمن والاه فاز ومن نصره غلب.
وقد أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأولين ﴾ قال : في قريش وغيرها يوم بدر، والأمم قبل ذلك.
وأخرج أحمد، ومسلم، عن عمرو بن العاص، قال : لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي ﷺ، فقلت : ابسط يدك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يدي، قال :" مالك؟ " قلت : أردت أن أشترط، قال :" تشترط ماذا؟ " قلت : أن تستغفر لي، قال :" أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحجّ يهدم ما كان قبله " وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود، أن رسول الله ﷺ قال :" الإسلام يجبّ ما قبله، والتوبة تجبّ ما قبلها " وقد فسر كثير من السلف قوله تعالى :﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأولين ﴾ بما مضى في الأمم المتقدّمة من عذاب من قاتل الأنبياء، وصمم على الكفر.
وقال السديّ ومحمد بن إسحاق : المراد بالآية يوم بدر.
وفسر جمهور السلف الفتنة المذكورة هنا بالكفر.
وقال محمد بن إسحاق : بلغني عن الزهري عن عروة ابن الزبير، وغيره من علمائنا ﴿ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ حتى لا يفتن مسلم عن دينه. أ هـ ﴿فتح القدير حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon