وهذا هو الذي كان يزعج الملأ من قريش من زحف الإسلام، ومن هذا القرآن.. إنه لم يزعجهم من قبل أن " الحنفاء " اعتزلوا معتقدات المشركين وعباداتهم ؛ واعتقدوا بألوهية الله وحده وقدموا له الشعائر وحده، واجتنبوا عبادة الأصنام أصلا.. فإلى هنا لا يهم الطاغوت الجاهلي شيء ؛ لأنه لا خطر على الطاغوت من الاعتقاد السلبي والشعائر التعبدية! إن هذا ليس هو الإسلام - كما يظن بعض الطيبين الخيرين الذين يريدون اليوم أن يكونوا مسلمين، ولكنهم لا يعرفون ما هو الإسلام معرفة اليقين! - إنما الإسلام هو تلك الحركة المصاحبة للنطق بالشهادتين.. هو الانخلاع من المجتمع الجاهلي وتصوراته وقيمه وقيادته وسلطانه وشرائعه ؛ والولاء لقيادة الدعوة الإسلامية وللعصبة المسلمة التي تريد أن تحقق الإسلام في عالم الواقع.. وهذا ما كان يقض مضاجع الملأ من قريش، فيقاومونه بشتى الأساليب.. ومنها هذا الأسلوب.. أسلوب الادعاء على القرآن الكريم، بأنه أساطير الأولين! وأنهم - لو شاءوا - قالوا مثله! ذلك مع تحديهم به مرة ومرة ومرة.. وهم في كل مرة يعجزون ويخنسون!
والأساطير واحدتها أسطورة. وهي الحكاية المتلبسة - غالباً - بالتصورات الخرافية عن الآلهة، وعن أقاصيص القدامى وبطولاتهم الخارقة، وعن الأحداث التي يلعب فيها الخيال والخرافة دوراً كبيراً.


الصفحة التالية
Icon