ويعقب السياق على هذا العناد، وعلى هذا الادعاء، بأنهم مع استحقاقهم لإمطار الحجارة عليهم من السماء وللعذاب الأليم الذي طلبوه - إن كان هذا هو الحق من عنده - وإنه للحق.. مع هذا فإن الله قد أمسك عنهم عذاب الاستئصال الذي أخذ به المكذبين قبلهم. لأن رسول ـ ﷺ ـ بينهم، ولا يزال يدعوهم إلى الهدى. والله لا يعذبهم عذاب الاستئصال والرسول فيهم. كما أنه لا يعذبهم هذا العذاب على معاصيهم إذا كانوا يستغفرون منها ؛ وليس تأخير العذاب عنهم لمجرد أنهم أهل هذا البيت. فهم ليسوا بأولياء هذا البيت إنما أولياؤه المتقون :
﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام، وما كانوا أولياءه، إن أولياؤه إلا المتقون، ولكن أكثرهم لا يعلمون، وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية. فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾..
إنها رحمة الله تمهلهم فلا يأخذهم الله بعنادهم ؛ ولا يأخذهم بصدهم عن المسجد الحرام - وقد كانوا يمنعون المسلمين أن يحجوا إليه، وهم لا يمنعون أحداً ولا يهيجونه عنه!
إنها رحمة الله تمهلهم عسى أن يستجيب للهدى منهم من تخالط بشاشة الإيمان قلبه - ولو بعد حين - وما دام الرسول ـ ﷺ ـ بينهم، يدعوهم، فهنالك توقع لاستجابة البعض منهم ؛ فهم إكراماً لوجود رسول الله بينهم يمهلون. والطريق أمامهم لاتقاء عذاب الاستئصال دائماً مفتوح إذا هم استجابوا واستغفروا عما فرط منهم وأنابوا :
﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾..
فأما لو عاملهم الله بما هم فيه فهم مستحقون لهذا العذاب :
﴿ وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام. وما كانوا أولياءه. إن أولياؤه إلا المتقون، ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾..


الصفحة التالية
Icon