﴿ لَتَوَلَّواْ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ] ولم ينتفعوا به وارتدوا سريعاً إذ شأن العارض الزوال وهم معرضون بالذات ﴿ مُّعْرِضُونَ يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ استجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ بالتصفية ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ وهو العلم بالله تعالى، وقد يقال : استجيبوا لله تعالى بالباطن والأعمال القلبية وللرسول بالظاهر والأعمال النفسية، أو استجيبوا لله تعالى بالفناء في الجمع وللرسول عليه الصلاة والسلام بمراعاة حقوق التفصيل إذا دعاكم لما يحييكم من البقاء ﴿ واعلموا أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ ﴾ فيزول الاستعداد فانتهزوا الفرصة ﴿ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٤ ] فيجازيكم على حسب مراتبكم ﴿ واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً ﴾ [ الأنفال : ٢٥ ] بل تشملهم وغيرهم بشؤم الصحبة ﴿ واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ ﴾ من حيث القدر لجهلكم ﴿ مُّسْتَضْعَفُونَ ﴾ في أرض النفس ﴿ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس ﴾ أي ناس القوى الحسية لضعف نفوسكم ﴿ فَآوَاكُمْ ﴾ إلى مدينة العلم، وأيدكم بنصره في مقام توحيد الأفعال ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ أي لوم تجليات الصفات ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٦ ] ذلك، وقد يقال : واذكروا أيها الأرواح والقلوب إذ كنتم قليلاً ليس معكم غيركم إذ لم ينشأ لكم بعد الصفات والأخلاق الروحانية ﴿ مُّسْتَضْعَفُونَ ﴾ في أرض البدن ﴿ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس ﴾ من النفس وأعوانها ﴿ فَآوَاكُمْ ﴾ إلى حظائر قدسه ﴿ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ﴾ بالواردات الربانية ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ وهي تجلياته سبحانه ﴿ تَشْكُرُونَ يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ الله ﴾ بترك الإيمان ﴿ والرسول ﴾ بترك التخلق بأخلاقه عليه الصلاة والسلام ﴿ وَتَخُونُواْ أماناتكم ﴾ وهي ما رزقكم الله تعالى من القدرة وسلامة