﴿ أَوْ يُخْرِجُوكَ ﴾ [ الأنفال : ٣٠ ] من عالم الأرواح ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ لأنك الرحمة للعالين ﴿ وَمَا كَانَ الله مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ] إذ لا ذنب مع الاستغفار ولاعذاب من غير ذنب ﴿ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذّبَهُمُ الله ﴾ أي أنهم مستحقون لذلك كيف لا وهم يصدون المستعدين عن المسجد الحرام الذي هو القلب بإغرائهم على الأمور النفسانية واللذات الطبيعية ﴿ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ ﴾ لغلبة صفات أنفسهم عليهم ﴿ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المتقون ﴾ تلك الصفات ﴿ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ الأنفال : ٣٤ ] ذلك الحكم، وقال النيسابوري : ولكن أكثرهم أي المتقين لا يعلمون أنهم أولياؤه لأن الولي قد لا يعرف أنه ولي ﴿ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت ﴾ وهو ذلك المسجد ﴿ الإمكاء ﴾ إلا وساوس وخطرات شيطانية ﴿ وَتَصْدِيَةً ﴾ [ الأنفال : ٣٥ ] وعزماً على الأفعال الشنيعة ﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أموالهم ﴾ من الاستعداد الفطري في غير مرضاة الله تعالى ﴿ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ﴾ طريقه الموصل إليه ﴿ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ﴾ لزوال لذاتهم حتى تكون نسياً منسياً ﴿ ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾ لتمكن الأخلاق الذميمة فيهم فلا يستطيعون العدول عنها ﴿ والذين كَفَرُواْ ﴾ أي وهم، إلا أنه أقيم الظاهر مقام المضمر تعليلاً للحكم الذي تضمنه قوله سبحانه :﴿ إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٣٦ ] وهي جهنم القطعية ﴿ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ ﴾ عما هم عليه ﴿ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ ﴾ [ الأنفال : ٣٨ ] ﴿ وقاتلوهم ﴾ أي قاتلوا أيها المؤمنون كفار النفوس فإن جهادها هو الجهاد الأكبر ﴿ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ مانعة عن الوصول إلى الحق ﴿ وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ ﴾ ويضمحل دين النفس الذي


الصفحة التالية
Icon