إذا عرفت هذا فنقول : إما أن يكون المراد من الآية ﴿وقاتلوهم﴾ لأجل أن يحصل هذا المعنى أو يكون المراد ﴿وقاتلوهم﴾ لغرض أن يحصل هذا المعنى فإن كان المراد من الآية هو الأول وجب أن يحصل هذا المعنى من القتال فوجب أن يكون المراد ﴿وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ﴾ في أرض مكة وما حواليها، لأن المقصود حصل هنا، قال عليه السلام :" لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " ولا يمكن حمله على جميع البلاد، إذ لوكان ذلك مراداً لما بقي الكفر فيها مع حصول القتال الذي أمر الله به، وأما إذا كان المراد من الآية هو الثاني، وهو قوله : قاتلوهم لغرض أن يكون الدين كله لله، فعلى هذا التقدير لم يمتنع حمله على إزالة الكفر عن جميع العالم لأنه ليس كل ما كان غرضاً للإنسان، فإنه يحصل، فكان المراد الأمر بالقتال لحصول هذا الغرض سواء حصل في نفس الأمر أو لم يحصل.
ثم قال :﴿فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ والمعنى ﴿فَإِنِ انْتَهَوْاْ﴾ عن الكفر وسائر المعاصي بالتوبة والإيمان ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ عالم لا يخفى عليه شيء يوصل إليهم ثوابهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٣١﴾