وقال سفيان الثوري، وأبو نُعَيْم، وأبو أسامة، عن قيس بن مسلم : سألت الحسن بن محمد ابن الحنفية، رحمه الله تعالى، عن قول الله تعالى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ قال هذا مفتاح كلام، لله الدنيا والآخرة. ثم اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله ﷺ، فقال قائلون : سهم النبي ﷺ تسليما للخليفة من بعده. وقال قائلون : لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قائلون : سهم القرابة لقرابة الخليفة. فاجتمع قولهم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعُدة في سبيل الله، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما
قال الأعمش، عن إبراهيم كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي ﷺ في الكراع والسلاح، فقلت لإبراهيم : ما كان علي يقول فيه ؟ قال : كان [علي] أشدهم فيه.
وهذا قول طائفة كثيرة من العلماء، رحمهم الله.
وأما سهم ذوي القربى فإنه يصرف إلى بني هاشم وبني المطلب ؛ لأن بني المطلب وازروا بني هاشم في الجاهلية [وفي أول الإسلام] ودخلوا معهم في الشعب غضبا لرسول الله ﷺ وحماية له : مسلمهم طاعة لله ولرسوله، وكافرهم حَمِيَّة للعشيرة وأنفة وطاعة لأبي طالب عم رسول الله. وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل - وإن كانوا أبناء عمهم - فلم يوافقوهم على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم، ومالئوا بطون قريش على حرب الرسول ؛ ولهذا كان ذَمُّ أبي طالب لهم في قصيدته اللامية أشد من غيرهم، لشدة قربهم. ولهذا يقول في أثناء قصيدته
جَزَى الله عَنَّا عبدَ شمس ونَوفلاعُقُوبة شرٍّ عاجل غير آجلِ
بميزان قسْط لا يَخيس شَعِيرةلهُ شَاهدٌ مِنْ نَفْسه غير عائلِ
لقد سَفُهت أحلامُ قوم تَبَدَّلوابني خَلَف قَيْضا بنا والغَيَاطِلِ
ونحنُ الصَّميم من ذؤابة هاشموآل قُصَى في الخُطُوب الأوائلِ (١)

(١) الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام (١/٢٧٧).


الصفحة التالية
Icon