الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس، في الله تبارك وتعالى، القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، ينجي الله تبارك وتعالى به من الغم والهم >.
قال ابن كثير : هذا حديث حسن عظيم.
وروى أبو داود والنسائي عن عَمْرو بن عَبَسة، أن رسول الله ﷺ صلى بهم إلى بعير من المغنم، فلما سلم أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال :< ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود عليكم > - واستدل به على أنه عليه الصلاة والسلام كان يصرفه لمصالح المسلمين.
وكان له ﷺ من الغنائم شيء يصطفيه لنفسه، عبد أو أمة أو فرس أو سيف أو نحو ذلك، رواه أبو داود عن محمد بن سيرين والشعبي مرسلاً، وأحمد والترمذي عن ابن عباس.
وللعلماء فيما يصنع بخمسه ﷺ من بعده مذاهب :
فمن قائل : يكون لمن يلي الأمر من بعده، قال ابن كثير : روي هذا عن أبي بكر وعلي وقتادة وجماعة. وجاء فيه حديث مرفوع.
ومن قائل : يصرف في مصالح المسلمين، قال الأعمش عن إبراهيم : كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي ﷺ في الكراع والسلاح.
ومن قائل : بأنه يصرف لقرابته ﷺ.
ومن قائل : بأنه مردود على بقية الأصناف : ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. واختاره ابن جرير. وللمسألة حظ من النظر.
الثانية : أجمعوا على أن المراد بذوي القربى قرابته ﷺ.
وذهب الجمهور إلى أن سهم ذوي القربى يصرف إلى بني هاشم وبني المطلب خاصة، لأن بني المطلب وازروا بني هاشم في الجاهلية، وفي أول الإسلام ودخلوا معهم في الشعب غضباً لرسول الله ﷺ، وحماية له، مسلمهم طاعة لله ولرسوله، وكافرهم حمية للعشيرة، وأنفة وطاعة لأبي طالب عمّ رسول الله ﷺ.