وَتَسَاءَلُوا عَنْهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْآيَةِ هُنَا وَمَا قَبْلَهَا مُبَاشَرَةً ظَاهِرٌ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا الْأَمْرُ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ الْمُعْتَدِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ، حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَوَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ يَسْتَتْبِعُ أَخْذَ الْغَنَائِمِ مِنْهُمْ فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهُ مَا يُرْضِيهِ سُبْحَانَهُ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ، وَإِنَّنَا نَذْكُرُ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا أَوْ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْهَا، كَالْفَيْءِ وَالنَّفْلِ وَالسَّلَبِ وَالصَّفِيِّ قَبْلَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ لِطُولِهِ : حَتَّى لَا يَخْتَلِطَ بِمَدْلُولِ الْأَلْفَاظِ فَنَقُولُ : الْغُنْمُ بِالضَّمِّ وَالْمَغْنَمُ وَالْغَنِيمَةُ فِي اللُّغَةِ : مَا يُصِيبُهُ الْإِنْسَانُ وَيَنَالُهُ وَيَظْفَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ قَيْدٌ يُشِيرُ إِلَيْهِ ذَوْقُ اللُّغَةِ أَوْ يَشْتَمُّ مِنْهُ مَا يُقَارِبُهُ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ دَقِيقٍ، فَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالْبَدَاهَةِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى كُلُّ كَسْبٍ أَوْ رِبْحٍ أَوْ ظَفَرٍ بِمَطْلُوبٍ غَنِيمَةً، كَمَا أَنَّ الْعَرَبَ أَنْفُسَهُمْ قَدْ سَمَّوْا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْأَعْدَاءِ فِي الْحَرْبِ غَنِيمَةً، وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ مَشَقَّةٍ، فَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الِاسْتِعْمَالِ أَنَّ الْغَنِيمَةَ وَالْغُنْمَ : مَا يَنَالُهُ الْإِنْسَانُ، وَيَظْفَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ مَادِّيٍّ يَبْذُلُهُ فِي سَبِيلِهِ (كَالْمَالِ فِي التِّجَارَةِ مَثَلًا)، وَلِذَلِكَ قَالُوا : إِنَّ الْغُرْمَ ضِدُّ الْغُنْمِ، وَهُوَ مَا