اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَ " أَنَّ مَا " رُسِمَتْ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ مَوْصُولَةً هَكَذَا : أَنَّمَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ فَرْضِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ كَانَ بِهَا، وَلَكِنَّ أَهْلَ السَّيْرِ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا شُرِعَتْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَبَعْضُهُمْ أَنَّهَا لَمْ تُبَيَّنْ بِالصَّرَاحَةِ إِلَّا فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ فِي رَجَبٍ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ، قَالَ : ذَكَرَ لِي بَعْضُ آلِ جَحْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِمَّا غَنِمْنَا الْخُمُسَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللهُ الْخُمُسَ، فَعَزَلَ لَهُ الْخُمُسَ، وَقَسَّمَ سَائِرَ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ (قَالَ) : فَوَقَعَ رِضَا اللهِ بِذَلِكَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ : نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ فِي بَدْرٍ وَغَنَائِمِهَا. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ آيَةَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ نَزَلَتْ بَعْدَ تَفْرِقَةِ الْغَنَائِمِ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السِّيَرِ نَقَلُوا أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَسَمَهَا عَلَى السَّوَاءِ، وَأَعْطَاهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ أَوْ غَابَ لَعُذْرٍ تَكَرُّمًا مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ كَانَتْ أَوَّلًا بِنَصِّ أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (قَالَ) : وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ حَدِيثُ عَلِيٍّ حَيْثُ قَالَ : وَأَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ : فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ فِيهَا خُمُسٌ ا هـ.


الصفحة التالية
Icon