" وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ، وَمِمَّنْ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ الْآيَةَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ الْآيَةَ. بَلْ قَالَ الْجُمْهُورُ : إِنَّ قَوْلَهُ : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا
غَنِمْتُمْ نَاسِخٌ وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ التَّحْرِيفُ وَالتَّبْدِيلُ لِكِتَابِ اللهِ. وَأَمَّا قِصَّةُ مَكَّةَ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا، لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي فَتْحِهَا. (قَالَ) :
وَأَمَّا قِصَّةُ حُنَيْنٍ فَقَدْ عَوَّضَ الْأَنْصَارَ - لَمَّا قَالُوا : يُعْطِي الْغَنَائِمَ قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ - نَفْسَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ :" أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ " كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ. وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ بَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ اهـ.


الصفحة التالية
Icon