الْوُزَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الْكُبَرَاءِ كَمَا كَانَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَكَمَا هُوَ مَعْهُودٌ عِنْدَنَا فِي مِصْرَ حَتَّى بَعْدَ تَحْوِيلِ شَكْلِ الدَّوْلَةِ إِلَى الدُّسْتُورِيَّةِ الْبَرْلَمَانِيَّةِ فِيهِمَا. وَقَدْ كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى مِثْلِ هَذَا طَبِيعَةً فِي الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ أَيَّامَ كَانَ قِوَامُ الدَّوْلَةِ وَقُوَّتُهَا بِعَصَبِيَّةِ الْمَلِكِ وَعَلَى رَأْسِهَا أُسْرَتُهُ، وَالدَّوْلَةُ الْإِنْكِلِيزِيَّةُ تُحَافِظُ دَائِمًا عَلَى ثَرْوَةِ رُءُوسِ الْبُيُوتَاتِ الَّتِي تُمَثِّلُ عَظَمَةَ الْأُمَّةِ وَعَلَى كَرَامَتِهِمْ وَهُمُ اللُّورْدَاتُ، لِيَظَلَّ فِيهَا سَرَوَاتٌ كَثِيرُونَ لَا يَشْغَلُهُمُ الْكَسْبُ عَنِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى شَرَفِهَا وَعَظَمَتِهَا، وَلَا يَزَالُ نِظَامُ هَذِهِ الدَّوْلَةِ أَقْرَبَ النُّظُمِ إِلَى التَّشْرِيعِ الْإِسْلَامِيِّ وَسِيَاسَتِهِ. عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ هُوَ الْمَنَاطُ التَّشْرِيعِيُّ لِسَهْمِ أُولِي الْقُرْبَى هُنَا ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ وَأَكْمَلُ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ، وَلَكِنَّ لَهُ بَعْضَ الْعِلَاقَةِ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالنُّصْرَةِ مَعَ الْقَرَابَةِ الَّتِي هِيَ الْمَنَاطُ الْأَصْلِيُّ الْمَنْصُوصُ فِي الْآيَةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ لَهُ مَنَاطًا آخَرَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الصَّدَقَةَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ تَكْرِيمًا لَهُمْ، وَهَذَا التَّكْرِيمُ لَهُمْ ذُو شَأْنٍ عَظِيمٍ فِي تَكْرِيمِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، وَلَكِنْ لَمْ يُوضَعْ لَهُ نِظَامٌ يَكْفُلُ بَقَاءَ فَائِدَتِهِ بِجَعْلِهِمْ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ فِي


الصفحة التالية
Icon