" وَالْأَرَاضِي الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ لِلْإِمَامِ فِيهَا الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا فِي الْغَانِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَوْقَفَهَا عَلَى الْغُزَاةِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِخَيْبَرَ قَسَمَ نِصْفَهَا، وَوَقَفَ نِصْفَهَا، وَوَقَفَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَرْضَ السَّوَادِ، وَإِنْ شَاءَ أَسْكَنَهَا الْكُفَّارَ ذِمَّةً لَنَا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُعَاذًا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ، وَفَرَضَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَلَى الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمَلِ اثْنَيْ عَشَرَ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَدْرَهُ مُفَوَّضٌ إِلَى الْإِمَامِ يَفْعَلُ مَا يَرَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ سِيَرُهُمْ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدِي فِي مَقَادِيرِ الْخَرَاجِ، وَجَمِيعِ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ سِيَرُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَخُلَفَائِهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ وَإِنَّمَا أَبَاحَ اللهُ لَنَا الْغَنِيمَةَ وَالْفَيْءَ لِمَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيْثُ قَالَ : لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا وَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : إِنَّ اللهَ فَضَلَّ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ وَقَدْ شَرَحْنَا هَذَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَلَا نُعِيدُهُ.


الصفحة التالية
Icon