فَشَرَعَ اللهُ تَعَالَى الْخُمُسَ لِحَوَائِجِ الْمَدِينَةِ وَالْمِلَّةِ نَحْوًا مِمَّا كَانَ عِنْدَهُمْ، كَمَا أَنْزَلَ الْآيَاتِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ نَحْوًا مِمَّا كَانَ شَائِعًا ذَائِعًا فِيهِمْ. وَكَانَ الْمِرْبَاعُ لِرَئِيسِ الْقَوْمِ وَعَصَبَتِهِ تَنْوِيهًا بِشَأْنِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ مَشْغُولُونَ بِأَمْرِ الْعَامَّةِ مُحْتَاجُونَ إِلَى نَفَقَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَجَعَلَ اللهُ الْخُمُسَ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَشْغُولٌ بِأَمْرِ النَّاسِ لَا يَتَفَرَّغُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِأَهْلِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّ النُّصْرَةَ حَصَلَتْ بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالرُّعْبِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ فَكَانَ كَحَاضِرِ الْوَقْعَةِ، وَلِذَوِي الْقُرْبَى ؛ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ حَمِيَّةً لِلْإِسْلَامِ، حَيْثُ اجْتَمَعَ فِيهِمُ الْحَمِيَّةُ الدِّينِيَّةُ إِلَى الْحَمِيَّةِ النَّسَبِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا فَخْرَ لَهُمْ إِلَّا بِعُلُوِّ دِينِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنْوِيهًا بِأَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَتِلْكَ مَصْلَحَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الْمِلَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْعُلَمَاءُ وَالْقُرَّاءُ يَكُونُ تَوْقِيرُهُمْ تَنْوِيهًا بِالْمِلَّةِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيرُ ذَوِي الْقُرْبَى كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَلِلْمُحْتَاجِينَ وَضَبَطَهُمْ بِالْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ


الصفحة التالية
Icon